الجغرافيا عند العرب
صفحة 1 من اصل 1
الجغرافيا عند العرب
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
الحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أجمعين
حيثما تأملت في فروع علم الجغرافيا فسترى بصمات واضحة للعلماء المسلمينالذين سعدت الدنيا بإنجازات حضارتهم، واستقرت بديهيات العلوم المختلفة بحسناعتمادهم على الله في توظيف طاقات العقول وإمكانات البحث والتجريبوالمشاهدة..
وستتوقف بنا السطور القادمة أمام بعض الإنجازات المبهرة التي سبق إليها المسلمون في الجغرافيا، والتي تُشكِّل معالمفارقة في مسيرة هذا العلم عبر التاريخ الإنساني القديم والحديث على حد سواء..
خطوط الطول وخطوط العرض:
يعدُّ المسلمون أول منوضع خطوط الطول وخطوط العرض على خريطة الكرة الأرضية وضعها العالم أبو علي المراكشي (ت 660هـ - 1262م) وذلك لكي يستدل المسلمون على الساعات المتساوية في بقاع الأرضالمختلفة للصلاة.. كما وضع البيروني قاعدة حسابية لتسطيح الكرة أي نقل الخطوطوالخرائط من الكرة إلى سطح مسطح وبالعكس.. وبهذا سهل رسم الخرائطالجغرافية.
قياس محيط الأرض:
كان أول من قامبمحاولة قياس أبعاد الكرة الأرضية الخليفة العباسي العالم المأمون (ت: 218هـ- 833م) فقد جاء بفريقين من علماء الفلك والجغرافيا فريق برئاسة "سند بن علي"، وفريق بقيادة "علي بن عيسى الاسطرلابي" (ويقال إن رئاسة أحد الفريقين كانت لبني موسى بن شاكر) واتفق معهما أن يذهبا إلى بقعتين مختلفتين على الدائرة العظمى من محيط الأرض شرقًاوغربًا، ثم يقيسا درجة واحدة من المحيط.. وقد اختار كل فريق بقعة واسعة مسطحة، وركزفي مكانٍ منها وتدًا، واتخذ النجم القطبي نقطةً ثابتةً، ثم قاس الزاوية بين الوتروبين النجم القطبي والأرض، ثم سار شمالاً على مكان زادت فيه تلك الزاوية، وقاس كلفريق المسافة بين الوتدين وكانوا يقيسون المسافات على الأرض بحبال يشدونها علىالأوتاد.. والعجيب أن النتائج جاءت دقيقة إلى حدٍّ بعيد؛ فقد توصَّل الفريق إلى أنمحيط الأرض يساوي (66 ميلاً عربيًّا) وهو ما يعادل (" />47.356 كم) لمدار الأرض، وهينتيجة مقارِبة جدًّا للطول الحقيقي لمدار الأرض والذي عُرِف حديثًا وهو حوالي (40.000 كم) تقريبًا!! أي أن نسبة الخطأ في هذا القياس العباسي لم تصل إلى (2%)..!! وهو أمر جدير بالتقدير..
ثم جاء "البيروني" فقام بتجربة جديدة علىأساس مختلف.. بقياس الانخفاض الرأسي من (قلل الجبال) في الهند، فجاءت شبيهة بأرقامفلكيي المأمون فأثنى عليهم. ويقول المستشرق "نللينو" في كتابه (علم الفلك عندالعرب) إن قياس العرب للكرة الأرضية هو أول قياس حقيقي أُجري كله مباشرة مع كل ماتقتضيه تلك المسافة الطويلة وهذا الفريق الكبير من العلماء والمساحين العرب فهو يعدمن أعمال العرب المأثورة وأمجادهم العلمية.
دوران الأرض حول نفسها:
في الوقت الذي كانالعالم لا يتخيل فيه أن الأرض كرة لم يكن هناك من يناقش مسألة دوران الكرة حولنفسها.. ولكن ثلاثة من علماء المسلمين كانوا أول من ناقش فكرة دوران الأرض في القرنالثالث عشر الميلادي (السابع الهجري) وهم "علي بن عمر الكاتبي" و"قطب الدينالشيرازي" من الأندلس و"أبو الفرج علي" من سوريا.. فقد كان هؤلاء الثلاثة أول منأشار في التاريخ الإنساني إلى احتمال دوران الأرض حول نفسها أمام الشمس مرة كل يوموليلة.. ويقول "سارتون" في كتابه "مقدمة في تاريخ العلم": إن أبحاث هؤلاء العلماءالثلاثة في القرن 13 لم تذهب سدى بل كانت أحد العوامل التي أثرت على أبحاث "كوبرنيكوس" في نظريته التي أعلنها سنة 1543م
علم الخرائط:
لا يُنكِر أحد أنالغرب قد استفاد من مجهودات المسلمين في علم الجغرافيا عامة أيَّما استفادة.. إلاأن (أطلس الإسلام) أو الخرائط الإسلامية كانت في مقدمة مظاهر التأثير الإسلاميالمباشر في الحضارة الغربية.
فقد تخطَّف (الغرب) مؤلَّف "الإدريسي" (نزهة المشتاق في اختراق الآفاق) وقاموا بطباعته طبعات كثيرة ومختلفة، حتى ظل هذاالكتاب مصدرًا أساسيًّا لدارسي الجغرافيا الأوروبيين على مدار أكثر من أربعةقرون!!..
صمم "الإدريسي" خريطته على الطريقة العربيةفي ذلك الوقت, حيث بدأ بالجنوب في أعلى الخريطة, ثم انتقل إلى الشمال في أسفلها.. كما تتكون مخطوطة الخريطة من 70 ورقة (33×21سم) تصل إلى نحو خمسة أمتار مربعة. وقدقام العالم الألماني "كونراد ميلر" بنشر نسخة مُلَوَّنة منها سنة 1928م, بعد أن بذلمجهودًا خارقًا من أجل تجميع أجزائها المختلفة, وترجمة الأسماء العربية إلىالألمانية... ثم اهتمَّ المجمع العراقي بهذا الكتاب؛ فعمل باحثوه على مراجعة وتدقيقكل النسخ الموجودة في العالم، وأخرجوا خريطة الإدريسي وطبعوها سنة 1951م وهي بطولمترين وعرض متر واحد
تصحيح أخطاءالسابقين:
وبين يدينا الآن شهادة لمؤرخ غربي مشهور هو "جوستاف لوبون" الذي ستؤكد كلماته ما سبق بخصوص تفوق المسلمين في مجال الخرائط.. إلى جانب أنها ستضيف إلى عظمة إسهامات المسلمين في الجغرافيا بُعدًا جديدًا بالغالأهمية.. يقول"جوستاف لوبون": "يكفي أن نشير إلى ما حققه العرب في الجغرافيالإثبات قيمتهم العالية؛ فالعرب هم الذين عيَّنُوا بمعارفهم الفلكية مواقع الأماكنتعيينًا مضبوطًا في الخرائط، فصححوا بذلك أغاليط علماء اليونان، والعرب هم الذيننشروا رحلاتهم الممتعة عن بقاع العالم التي كان يشك الأوربيون في وجودها، والعرب همالذين وضعوا الكتب الجغرافية التي جاءت ناسخة لما تقدمها، فاقتصرت أمم الغرب عليهاوحدها قرونًا كثيرة..."
فالروعة والإنجاز لا يتجسدان فقط في الجديدالذي قدَّمه الجغرافيون المسلمون للعالم.. وإنما يتجسد الإنجاز وتتجلى الروعة كذلكفي التصويب والتعديل الذي عاد به عباقرة الجغرافيين المسلمين على التراث الجغرافياليوناني.
لقد وقع "بطليموس" – وعلى الرغم من براعتهالمعروفة - في العديد من الأخطاء عند تحديد الأطوال والأعراض:
(خريطة بطليموس):
• من ذلك أنه بالغكثيرًا في تحديد طول البحر المتوسط..
• وبالغ في تحديدامتداد الجزء المعمور من الأرض المعروف له..
• وجعل المحيط الهنديوالهادي بحيرة!!! وذلك عندما وصل جنوبي آسيا بجنوبيأفريقيا..
• وبالغ في تحديد حجم جزيرة "سيلان"..
• وأخطأ في وضع بحر قزوين والخليج العربيخطأً فاحشًا...
صحح المسلمون كل هذه الأخطاء وغيرها، ولميأخذ الغرب هذه التعديلات إلا عنهم.. ومن هنا يتجلى دور المسلمين في إنقاذ الدراساتالجغرافيَّة من التشوُّهات العلمية والمنهجيَّة.. كما رأينا من قبل دورهم فيإنقاذها من بطش السلطة الكنسيَّة الغاشم..
وقد بدأت تلك المسيرةالتصحيحية منذ عهد الخليفة "المأمون" (ت: 218هـ - 833م).. فقد أسدت الخريطةالمأمونية (التي أمر علماء عصره بتنفيذها) إلى الحضارة الغربية فضلاً عظيمًا رغمضعف إمكانات المسلمين من حيث الأجهزةُ الجغرافيةُ في ذلك العصر، وقام المسلمونبإدخال الكثير من التعديلات الهامة على خريطة بطليموس، وحسنوها وأضافوا إليهاالكثير من التصحيحات الجوهرية
(الخريطة المأمونية):
وقد أقبل الغرب على عطاء الجغرافيين المسلمين بشغف واهتمام بالغين؛ فلم يكنالأوروبيون حتى بداية القرن الخامس عشر يرجعون إلا إلى الجغرافيا الإسلامية كمايقرر "كراتشكوفسكي".. وقد ظلت الكارتوغرافيا الأوروبية (علم الخرائط) تعتمد علىخارطة الإدريسي حتى قبيل القرن الخامس عشرالميلادي
(خريطة الإدريسي):
وإجمالاً فإنه منذ وقت الإدريسي 1150م إلى حوالي 1450م استمدت الجغرافياالأوروبية رأسًا من الجغرافيا الإسلامية.. إلا أن تحوُّلاً عنصريًّا أصاب الفكرالأوروبي فيما بين (1450م) إلى (1550م)، فنهضت حملة ضد المسلمين لا أساس لها منالعلم، وأسفرت عن تحول الجغرافيين الأوروبيين إلى جغرافيا "بطليموس"!!!.. ولما كاناستمرار هذا الأمر غير منطقي فقد اضطر العلماء ثانيةً إلى هجربطليموس
الحق أن إسهامات المسلمين في الجغرافيا محيط واسع.. ربما بقدر سعة الآمادالمذهلة التي بلغتها رحلات علمائهم الاستكشافية برًّا وبحرًا... وهو الجانب الذيستحاول الصفحات القادمة الوقوف بنا أمامه..
الحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أجمعين
حيثما تأملت في فروع علم الجغرافيا فسترى بصمات واضحة للعلماء المسلمينالذين سعدت الدنيا بإنجازات حضارتهم، واستقرت بديهيات العلوم المختلفة بحسناعتمادهم على الله في توظيف طاقات العقول وإمكانات البحث والتجريبوالمشاهدة..
وستتوقف بنا السطور القادمة أمام بعض الإنجازات المبهرة التي سبق إليها المسلمون في الجغرافيا، والتي تُشكِّل معالمفارقة في مسيرة هذا العلم عبر التاريخ الإنساني القديم والحديث على حد سواء..
خطوط الطول وخطوط العرض:
يعدُّ المسلمون أول منوضع خطوط الطول وخطوط العرض على خريطة الكرة الأرضية وضعها العالم أبو علي المراكشي (ت 660هـ - 1262م) وذلك لكي يستدل المسلمون على الساعات المتساوية في بقاع الأرضالمختلفة للصلاة.. كما وضع البيروني قاعدة حسابية لتسطيح الكرة أي نقل الخطوطوالخرائط من الكرة إلى سطح مسطح وبالعكس.. وبهذا سهل رسم الخرائطالجغرافية.
قياس محيط الأرض:
كان أول من قامبمحاولة قياس أبعاد الكرة الأرضية الخليفة العباسي العالم المأمون (ت: 218هـ- 833م) فقد جاء بفريقين من علماء الفلك والجغرافيا فريق برئاسة "سند بن علي"، وفريق بقيادة "علي بن عيسى الاسطرلابي" (ويقال إن رئاسة أحد الفريقين كانت لبني موسى بن شاكر) واتفق معهما أن يذهبا إلى بقعتين مختلفتين على الدائرة العظمى من محيط الأرض شرقًاوغربًا، ثم يقيسا درجة واحدة من المحيط.. وقد اختار كل فريق بقعة واسعة مسطحة، وركزفي مكانٍ منها وتدًا، واتخذ النجم القطبي نقطةً ثابتةً، ثم قاس الزاوية بين الوتروبين النجم القطبي والأرض، ثم سار شمالاً على مكان زادت فيه تلك الزاوية، وقاس كلفريق المسافة بين الوتدين وكانوا يقيسون المسافات على الأرض بحبال يشدونها علىالأوتاد.. والعجيب أن النتائج جاءت دقيقة إلى حدٍّ بعيد؛ فقد توصَّل الفريق إلى أنمحيط الأرض يساوي (66 ميلاً عربيًّا) وهو ما يعادل (" />47.356 كم) لمدار الأرض، وهينتيجة مقارِبة جدًّا للطول الحقيقي لمدار الأرض والذي عُرِف حديثًا وهو حوالي (40.000 كم) تقريبًا!! أي أن نسبة الخطأ في هذا القياس العباسي لم تصل إلى (2%)..!! وهو أمر جدير بالتقدير..
ثم جاء "البيروني" فقام بتجربة جديدة علىأساس مختلف.. بقياس الانخفاض الرأسي من (قلل الجبال) في الهند، فجاءت شبيهة بأرقامفلكيي المأمون فأثنى عليهم. ويقول المستشرق "نللينو" في كتابه (علم الفلك عندالعرب) إن قياس العرب للكرة الأرضية هو أول قياس حقيقي أُجري كله مباشرة مع كل ماتقتضيه تلك المسافة الطويلة وهذا الفريق الكبير من العلماء والمساحين العرب فهو يعدمن أعمال العرب المأثورة وأمجادهم العلمية.
دوران الأرض حول نفسها:
في الوقت الذي كانالعالم لا يتخيل فيه أن الأرض كرة لم يكن هناك من يناقش مسألة دوران الكرة حولنفسها.. ولكن ثلاثة من علماء المسلمين كانوا أول من ناقش فكرة دوران الأرض في القرنالثالث عشر الميلادي (السابع الهجري) وهم "علي بن عمر الكاتبي" و"قطب الدينالشيرازي" من الأندلس و"أبو الفرج علي" من سوريا.. فقد كان هؤلاء الثلاثة أول منأشار في التاريخ الإنساني إلى احتمال دوران الأرض حول نفسها أمام الشمس مرة كل يوموليلة.. ويقول "سارتون" في كتابه "مقدمة في تاريخ العلم": إن أبحاث هؤلاء العلماءالثلاثة في القرن 13 لم تذهب سدى بل كانت أحد العوامل التي أثرت على أبحاث "كوبرنيكوس" في نظريته التي أعلنها سنة 1543م
علم الخرائط:
لا يُنكِر أحد أنالغرب قد استفاد من مجهودات المسلمين في علم الجغرافيا عامة أيَّما استفادة.. إلاأن (أطلس الإسلام) أو الخرائط الإسلامية كانت في مقدمة مظاهر التأثير الإسلاميالمباشر في الحضارة الغربية.
فقد تخطَّف (الغرب) مؤلَّف "الإدريسي" (نزهة المشتاق في اختراق الآفاق) وقاموا بطباعته طبعات كثيرة ومختلفة، حتى ظل هذاالكتاب مصدرًا أساسيًّا لدارسي الجغرافيا الأوروبيين على مدار أكثر من أربعةقرون!!..
صمم "الإدريسي" خريطته على الطريقة العربيةفي ذلك الوقت, حيث بدأ بالجنوب في أعلى الخريطة, ثم انتقل إلى الشمال في أسفلها.. كما تتكون مخطوطة الخريطة من 70 ورقة (33×21سم) تصل إلى نحو خمسة أمتار مربعة. وقدقام العالم الألماني "كونراد ميلر" بنشر نسخة مُلَوَّنة منها سنة 1928م, بعد أن بذلمجهودًا خارقًا من أجل تجميع أجزائها المختلفة, وترجمة الأسماء العربية إلىالألمانية... ثم اهتمَّ المجمع العراقي بهذا الكتاب؛ فعمل باحثوه على مراجعة وتدقيقكل النسخ الموجودة في العالم، وأخرجوا خريطة الإدريسي وطبعوها سنة 1951م وهي بطولمترين وعرض متر واحد
تصحيح أخطاءالسابقين:
وبين يدينا الآن شهادة لمؤرخ غربي مشهور هو "جوستاف لوبون" الذي ستؤكد كلماته ما سبق بخصوص تفوق المسلمين في مجال الخرائط.. إلى جانب أنها ستضيف إلى عظمة إسهامات المسلمين في الجغرافيا بُعدًا جديدًا بالغالأهمية.. يقول"جوستاف لوبون": "يكفي أن نشير إلى ما حققه العرب في الجغرافيالإثبات قيمتهم العالية؛ فالعرب هم الذين عيَّنُوا بمعارفهم الفلكية مواقع الأماكنتعيينًا مضبوطًا في الخرائط، فصححوا بذلك أغاليط علماء اليونان، والعرب هم الذيننشروا رحلاتهم الممتعة عن بقاع العالم التي كان يشك الأوربيون في وجودها، والعرب همالذين وضعوا الكتب الجغرافية التي جاءت ناسخة لما تقدمها، فاقتصرت أمم الغرب عليهاوحدها قرونًا كثيرة..."
فالروعة والإنجاز لا يتجسدان فقط في الجديدالذي قدَّمه الجغرافيون المسلمون للعالم.. وإنما يتجسد الإنجاز وتتجلى الروعة كذلكفي التصويب والتعديل الذي عاد به عباقرة الجغرافيين المسلمين على التراث الجغرافياليوناني.
لقد وقع "بطليموس" – وعلى الرغم من براعتهالمعروفة - في العديد من الأخطاء عند تحديد الأطوال والأعراض:
(خريطة بطليموس):
• من ذلك أنه بالغكثيرًا في تحديد طول البحر المتوسط..
• وبالغ في تحديدامتداد الجزء المعمور من الأرض المعروف له..
• وجعل المحيط الهنديوالهادي بحيرة!!! وذلك عندما وصل جنوبي آسيا بجنوبيأفريقيا..
• وبالغ في تحديد حجم جزيرة "سيلان"..
• وأخطأ في وضع بحر قزوين والخليج العربيخطأً فاحشًا...
صحح المسلمون كل هذه الأخطاء وغيرها، ولميأخذ الغرب هذه التعديلات إلا عنهم.. ومن هنا يتجلى دور المسلمين في إنقاذ الدراساتالجغرافيَّة من التشوُّهات العلمية والمنهجيَّة.. كما رأينا من قبل دورهم فيإنقاذها من بطش السلطة الكنسيَّة الغاشم..
وقد بدأت تلك المسيرةالتصحيحية منذ عهد الخليفة "المأمون" (ت: 218هـ - 833م).. فقد أسدت الخريطةالمأمونية (التي أمر علماء عصره بتنفيذها) إلى الحضارة الغربية فضلاً عظيمًا رغمضعف إمكانات المسلمين من حيث الأجهزةُ الجغرافيةُ في ذلك العصر، وقام المسلمونبإدخال الكثير من التعديلات الهامة على خريطة بطليموس، وحسنوها وأضافوا إليهاالكثير من التصحيحات الجوهرية
(الخريطة المأمونية):
وقد أقبل الغرب على عطاء الجغرافيين المسلمين بشغف واهتمام بالغين؛ فلم يكنالأوروبيون حتى بداية القرن الخامس عشر يرجعون إلا إلى الجغرافيا الإسلامية كمايقرر "كراتشكوفسكي".. وقد ظلت الكارتوغرافيا الأوروبية (علم الخرائط) تعتمد علىخارطة الإدريسي حتى قبيل القرن الخامس عشرالميلادي
(خريطة الإدريسي):
وإجمالاً فإنه منذ وقت الإدريسي 1150م إلى حوالي 1450م استمدت الجغرافياالأوروبية رأسًا من الجغرافيا الإسلامية.. إلا أن تحوُّلاً عنصريًّا أصاب الفكرالأوروبي فيما بين (1450م) إلى (1550م)، فنهضت حملة ضد المسلمين لا أساس لها منالعلم، وأسفرت عن تحول الجغرافيين الأوروبيين إلى جغرافيا "بطليموس"!!!.. ولما كاناستمرار هذا الأمر غير منطقي فقد اضطر العلماء ثانيةً إلى هجربطليموس
الحق أن إسهامات المسلمين في الجغرافيا محيط واسع.. ربما بقدر سعة الآمادالمذهلة التي بلغتها رحلات علمائهم الاستكشافية برًّا وبحرًا... وهو الجانب الذيستحاول الصفحات القادمة الوقوف بنا أمامه..
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى